الإعلامية رانيا تادرس

كشفت الإعلامية الأردنية، رانيا تادرس، أنّ المرأة الصحافية تواجه تحديات كبيرة، خاصّة إذا كان لديها رغبة بأن يكون لها حضور في الوسط الصحافي، مؤكّدة أنّ مواجهة التحدّي في هذا المجال، يحتاج إلى شخصية قوية واثقة من نفسها وذكاء، وثقافة، ومعرفة واسعة، وعلاقات قوية من المصادر في كل المستويات التي تبنى بالثقة وعدم السماح لأحد التدخّل بعملها خصوصًا عندما تتمتع بالمهنيّة والحيادية والدقة وتدرك تمامًا دورها في نشر المعلومات بما يخدم الرأي العام، ويخدم القضايا الوطنية، وأنّ نجاح الصحافيّة مرتبط أيضًا بعامل مهم وهو أن تنظر إلى الصحافة على أنها مهنة وليست وظيفة، وألا تنظر إلى الصحافة بنظرة الشهرة، خاصّة أنّ صناعة الاسم في الصحافة مهمة وباقية فهي بمثابة الأرضية الصلبة الحقيقية التي تنطلق منه نحو أي شكل ونمط إعلامي جديد . 

وتعمل تادرس في صحيفة الرأي الأردنية ومراسلة لموقع إيلاف الإلكتروني، درست العلوم السياسية في الجامعة لأنها تعشق المعرفة والتحليل ولديها قناعة أن كل شيء في الحياة سياسة، وقناعتها بأن الحقل السياسي مختلف وله سحر خاص، ويحتاج إلى قواعد لإتقان اللعبة السياسية تحتاج إلى القوة والتركيز في حفظ التاريخ والنفس الطويل، لأنها عالم من الدهاليز والمؤمرات، ومن متطلباتها كذلك الذكاء والتحليل والمرونة والقوة، ودخلت عالم الصحافة عام 2003 في شهر مارس/آذار إلى صحيفة الرأي.

وبيّنت تادرس، في مقابلة خاصّة مع "العرب اليوم"، أنّ"تدريبي في العمل الإعلامي في البداية كان قويًا وقاسيًا من قبل الأستاذ باسل رفايعة وأتذكّر مقولته جيدًا "هل تدخلين إلى المطبخ وتقومي بإعداد أطباق الطعام حيث المقادير الصحيحة والمكونات والتوابل، يخرج طبقًا لذيذًا هكذا الصحافة عندما يعرف الصحفي عناصر الخبر الشهيرة الخمسة في كتابة المقدمة وتوزيع المعلومات المهمة يكون خبر"، وبعد تدريب استمر لتسعة شهور، أخذت مني جهدًا كبيرًا ووقتًا بقراءة الصحف المحلية والعربية وتحديدًا جريدة الحياة اللندنية والنهار والسفير والقدس العربي، ونشرت لى أول مادة صحافية وهي تحقيق ميداني عن مستشفى البشير حيث أمضيت قرابة 5 أيام متخفية على أساس أنني مواطنة، رصدت الملاحظات وشكاوى الناس، والأعطال والطوابير ونقص الادوية لكن بعدها حظيت بتقرير كان له صدى واسعًا فكانت البداية ومنها الانطلاقة لكن لحظة رؤية اسمي على التقرير أدركت ماذا يعني النجاح". 

وأفادت تادرس بأنها "بدأت بمراسلة صحيفة إيلاف الإلكترونية عام 2007، حيث كان لدى إدارة تحرير إيلاف اهتمام خاص بمتابعة قضايا الأردن وأي حدث سياسي اقتصادي، مما فرض علي تحديًا جديدًا في متابعة المستجدات، والبحث عن الخبر الخاص، وكتابة التحليل المتضمن معلومات دقيقة وفيه مصادر بآراء مختلفة لاثراء المادة وتقديم معلومات دقيقة للقرّاء"، مؤكّدة أنّ "تجربة المراسلة الصحافية مع الصحف الخارجية تختلف عن المحلية من حيث المضمون ولغة الكتابة لذلك يجب على الصحافي أن يكون لديه مهارات عالية في تطويع الكلمات وايصال الرسائل للقراء خصوصا إذا كان المتابعين في الخارج لديهم اهتمامات في معرفة أدق التفاصيل في قضايا كثيرة".

وتعتقد تادرس أنّ "اعتماد وسائل الإعلام على المراسلين الصحافيين الذكور يعود إلى تفاعل الزملاء الصحافيين مع الأحداث بشكل أسرع وأسهل لتنقلهم خارج المنزل وقضاء أوقات أطول خارجه لأن العمل الميداني يحتاج إلى ساعات طويلة ومتاخرة خصوصًا في ظل وقوع أحداث وبكلام منطقي وواقعي، أن الكثير من الإعلاميات ليس لديهن حرية الخروج من المنزل بحكم إلتزامات أسرية متعدّدة أي ليس عدم الكفاءة أو التحيّز إلى الرجال"، مشيرة إلى أنّ "هناك الكثير من الزميلات يعملن كمراسلات حسب ظروفهنّ ومتطلبات عملهنّ خصوصًا في فترة الصباح ولهن بصمات واضحة في عملهن". 

وكشفت تادرس، أنّ مسيرتها في الصحافة كانت متنوّعة وغنية، سواء في صحفية الرأي التي كتبت فيها في قطاعات تربوية وصحية وصفحات متخصّصة عن الأسرة واللايف ستايل، وفي ذات الوقت كانت تتابع ملفات وزارة الداخلية لمدة 8 سنوات، ذات الخصوصية السياسية الأمنية فكانت تجربة صعبة بلا شك من حيث الوصول إلى المعلومات في ظل حواجز ومعيقات كثيرة لكن بالصبر والمتابعة والبحث عن المعلومات من عدة مصادر كانت لديها تمكّنت من بناء جسور التعاون والثقة مع المسؤول الأول أي" الوزير" بسبب خصوصية الوزارة المركزية الشديدة والمعلومات لا تخرج إلا من الرجل الأول في الوزارة .

وأعلنت تادرس أنّه "كما هو معلوم فإن وزارة الداخلية دائمًا غير منفتحة إعلاميا، ولا ترتبط بصداقة مع الصحافيين، لكن أنا شخصيًا يمكن القول انني الصحافية الوحيدة التي كنت أحظي بمقابلات وأخبار حصرية خاصة من الداخلية بحكم المعلومات والخبرة والتعامل المهني البحت وأتذكر عندما كانت وزارة الداخلية تضع قانون الانتخاب كنت أسعى جاهدة للحصول عليه لأنني كنت أعتمد على السبق الصحافي وكذلك على اجراء الحوارات مع أي وزير ونشر معلومات تكون لأول مرة تخرج على الإعلام وأمام الرأي العام في ملفات داخلية ذات حساسية وخصوصية ، أيضا ملف اللاجئين ، وملف حقوق ومزايا أبناء الأردنيات كنت أول من نشر تفاصيل عنه، ومن انجازاتي كذلك دخول مؤسسات ذات صفة عسكرية وأذرع قوية للقوات المسلحة، كمركز الملك عبدالله الثاني للعمليات الخاصة "KASOTO"، وكذلك مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير، كنت أول من كتب عن منظومة الحدود الأمنية على الحدود الشمالية عبر زيارة ميدانية ونشر تفاصيل من موقع الحدود ، وكذلك أول تقرير كتب في الصحافة عن نساء الشرطة الخاصة وتدربيهن في العمليات الخاصة، وكذلك اجراء مقابلات مع رؤساء السلطات التشريعية النواب والأعيان، إلى جانب الكثير من الشخصيات السياسية البارزة".

ونوّهت تادرس إلى أنّ "وسائل التواصل الاجتماعي بلاشك باتت بوابات ومنصات لنقل الاخبار بكل أشكالها ولكن المحتوى ضعيف والكثير منها اجتماعي وصور ومجاملات، وباتت هذه المنصات واجهة للكثيرين من باب التسلية أولا، والاعتقاد السائد عند الاشخاص الفسيبوكيين، أنهم مؤثّرون جدًا ولهم القدرة على صناعة الرأي العام كونه يمارس قناعات في الغالب تكون مغلوطة"، لافتة إلى أنّ "مواقع التواصل الاجتماعي، في بعض الأحيان تكون عبارة عن أدوات يتم استخدامها لتمرير أفكار تخدم جهات وتوجهات معروفة، وأنّ من الأسباب التي أدّت إلى انتشار وسائل الاجتماعي في الأردن، الاتصالات وعروض الإنترنت وحصول الجميع على الهواتف الذكية، فبات التسجيل وكتابة المعلومة ليصبح كل مواطن صحافي "هكذا يعتقد الكثيرون"، وبات لدى البعض قناعة أنه إعلامي ويعرف عن نفسه بأنّه ناشط وإعلامي فباتت الأمور مختلطة، ولا بد من توضيح مسألة مهمة أن هذه منصات تواصل اجتماعي فيها سرعة في نشر معلومة لكن ليست صحافة وإعلام بديل والدليل أن معظم محتوى صفحات النشطاء هي معلومات من الصحف أو المواقع الاخبارية، أو تصوير ونقل حدث مباشرة أو إضافة منشور دون جدوى مع فكرة مسروقة، وهنا لابد من توجيه النقد إلى الوسط الصحافي الحقيقي الذي غاب ولم يحرّك ساكنًا تجاه النشطاء، في هذا الوقت لا بد من صحوة لكل صحافي مهني لوقف مهزلة هولاء ونقل الأحداث والأخبار بمهنية ودقة متناهية وعدم ترك الساحة لأي دخيل أو متسلّق وهذا الملف مطلب عليه اجماع من الوسط الصحافي أمام النقابة حاليًا". 

وعن دورها في دعم المرأة للوصول إلى نقابة الصحافيين الأردنيين التي جرت أخيرًا، أكّدت تادرس أنّ دعم الزميلات جاء من باب أنّ هناك مرشحات يستحقن الفوز ولابد من وجودهن في مجلس النقابة للخروج عن المقولة التقليدية أنّ المرأة لا تدعم المرأة قناعتي تقول بأنّ النموذج الذي يستحق الدعم والوصول سأكون معه خصوصًا أنها تركّز على فكر الزميلة من حيث حضورها ومدى قوتها في الاقناع وهل هي ناجحة في عملها وعندها موقف اتجاه القضايا وفكر ورؤية تتحدث بها فعلا،

وتم الاستفادة من التحالفات حيث أن كل صحافي يمارس العمل النقابي لابد من التمتع بحضور بين زملائه والتواصل معهم وبناء تحالفات ودعم بعضنا بعضا، وهذا فعلا ما حدث بحيث كان التحرك على أساس أن هناك شخصيات نسائية صحافية محترفة لابد من ايصالها إلى المجلس، أنا شخصيًا مؤمنة بأنّ نقابة الصحفيين عليها استرداد حضورها القوي لتكون مظلة حقيقة تدعم الزملاء وحرية الصحافة وتنظم المهنة من الدخلاء وأعتقد أننا أمام أعتاب مرحلة جديدة عند نقابة الصحافيين ومسؤولية جماعية للمجلس والزميلات لاعادة الهيبة للمهنة ودعم كل صحافي محترف ومعاقبة كل صحافي يخرج عن أخلاقيات المهنة". 

وتطمح تادرس أن ترى في منصب نقيب الصحافيين في الأردن، امرأة تستحق وتكون شخصية قيادية ، طموحها أنّ ترى الصحف الورقية تواكب مستجدات العصر عبر تفعيل مواقعها الاخبارية وعمل فضائيات حقيقية .